تغيّر وجه العالم يا أبي!

اشتقتُ لك يا أبي. ثمانٍ وعشرون سنة مرّت على غيابك. تغيّر خلالها وجه العالم.
أتعلم يا أبي، لقد استبدلنا الهواتف الجوّالة التي نحملها في جيوبنا بالهواتف الثابتة القديمة!
كيف أصفها لك؟ إنها كعلبة السّجائر التي كنت تحملها ولكنّها أقلّ سماكة وفيها شاشة يمكننا عن طريق لمسها إنجاز أمور كثيرة أعجز عن حصرها.
أتدري ماذا؟ في هذه الهواتف كاميرات متعددة من الأمام والخلف ويمكننا أن نصّور وننشر البثّ المباشر للعالم كله مثلما كانت الإذاعات تفعل أيّامك، ولكنّ تلك الإذاعات كانت تختم برامجها وتغلق عند الثامنة أما هواتفنا فلا تتوقف عن النشر ولا حدود لبثّها.
نحن نرى المجازر في فلسطين تُبَثُّ بثًّا مباشرًا الآن يا أبي!
نعم يمكننا ذلك، وكلّ ما نتمنّاه أن يتوقّف الجزّار عن جريمته، وسوف نشكره حينها ونصفّق له لأنه توقّف اختيارًا لا اضطرَارًا، ولن نعاقبه حتّى!
نعاقب مَن يا أبي ؟! وهو لو علم بأنّه مُعاقَب لتوقّف منذ سنة أو لما بدأ أصلا منذ عشرات السّنين.
رحمك الله يا أبي إذ لم تشهد ما نضطّر إلى مشاهدته كلّ يوم…
ويرحمك الله يا أبي.

قم بكتابة اول تعليق

اترُك تَعلِيقًا

لَن يَتُمَّ نَشرُ بَرِيدِكَ الإلكترُونِي فِي العَلَن