
الحبالُ لم تكن مشدودة بشكلٍ جيّد، لم تشأ الأمّ أن تخدِش أياديَهم كما لم تشأ أن تحرمهم من دخول البحر.. وتحت دفء الشّمس وفوق نعومة الرّمل أخذتها غفوةٌ خفيفة وتدلّى شعرها الأسود على كتفها الأيمن تتلاعب به النَّسَمَات…
أمّا الصبيّ الأوّل فقد أغراه ذلك الزورق المتجه إلى جزيرة الأحلام.. فكّ الحبل برفق وذهب ولم يعد!
وأمّا البنت فقد لفت انتباهها فارس على فرس أبيض له جناحان.. تردّدت قليلا ورمقت أمّها بنظرات قبل أن تتّخذ قرارها الأخير.. فكّت الحبل بيد ترتجف وذهبت ولم تعد!
وأمّا الصبيّ الثّاني فشاءت الأقدار أن ينقطع الحبل به وغاص عميقا في المحيط عميقًا جدًّا ولم يعد!
وعلى صوت انكسار مرآة الموج على صفحةِ الرّمال استيقظت الأمّ لتجد أطراف الحبال على الشاطئ.. حاولت النهوض بسرعة كعادتها لكنّ العمر خانها.. جرّت قدميها حتّى وصلت إلى الماء فانعكست تجاعيده على وجهها… لملمت شعرها الأبيض الأشعث، وحملت على ظهرها المنحني ما خلّفه أبناؤها وراءهم من ذكريات ومضت وقد ربطت الحبال بصخرة هناك وتركتها ملقاة على الرّمل لعلّهم _ إن عادوا يومًا، إن_ لعلّهم يتعلّقوا بها…
شادي المرعبي
قم بكتابة اول تعليق